Close

القصة التاريخية لمعهد القدس

هكذا بدأنا- “إنشاء معهد متواضع مخصص لدراسة القدس”

في نهاية السبعينيات، طرح رئيس بلدية القدس السيد تيدي كوليك فكرة إنشاء معهد للأبحاث من اجل إجراء دراسات وأبحاث حول القدس كونها من بين المدن الأكثر تعقيدا وتركيباً في العالم.

وقد عبّر رؤوساء الجامعة العبرية ومؤسسة صندوق القدس عن استعدادهم بقبول هذا التحدي وأقاموا المعهد في عام 1978، برئاسة البروفيسور دافيد عاميران، مؤسس قسم الجغرافيا في الجامعة العبرية في القدس، الذي دعا السيدة أورا أحيمئير للانضمام إليه في تأسيس المعهد الذي كان يسمى في حينه “معهد القدس للأبحاث”.

في مقالٍ لها نشرته خلال عام 2003 بعنوان ” تم انشاء معهد للأبحاث “، تقول السيدة احيمئير: 

” تميزت البداية بخصائص واضحة وملحوظة بالشركات الناشئة – start up  – بحيث كان علينا إنشاء معهد مكرس لدراسة القدس ، ونحن نعتمد على ميزانية قليلة  ، وعلى منحة مالية لمرة واحدة من قطب الصحافة الألماني أكسل شبرينغي، وكنا مستعدين للاكتفاء بالقليل،  وربع راتب ، وبالعمل من خلال غرفتين، ببساطة ملحوظة- والاعتماد على المعدات والاثاث القديمة التي القتها الجامعة العبرية، والكثير من النوايا الطيبة من قبل الشخصيات العامة المحسوبة على طاقم الانشاء والحب الكبير لمدينة القدس، التي كانت القاسم المشترك لكل من وقف الى جانب المعهد.

أقروا المزيد عن دار المعهد

أورا أحيمئير وتيدي كوليك

الخصائص الفريدة لمعهد القدس

ان اخلاص تيدي كوليك للمدينة والاعتراف بالمشاكل المعقدة والخاصة لها قد احضرته الى الاستنتاج ان مدينة القدس بحاجة الى معهد أكاديمي مهنية للأبحاث سيقوم بالنقد على المؤسسات الرسمية ويقدم الأفكار والحلول وببناء قواعد المعلومات حول المدينة

تم قبول هذه الفكرة لصياغة الخبرة في شؤون القدس واختيار العاصمة بشكل وعي كموضوع خاص، من قبل الجميع. يتم تلخيص الغرض الفريد للمعهد في الجملة التالية الملائمة حتى اليوم: ” إنتاج الدراسات التي ستكون مفيدة للقدس اليوم “.

مقال في الصحيفة للجامعة العبرية عن إنشاء معهد القدس، 1978

في الإعلان عن ولادة المعهد الذي نشر في المجلة النصف شهرية للجامعة العبرية في القدس في نوفمبر- تشرين الثاني , 1978، ذكرت المواضيع والأدوات البحث التي تستخدم حتى اليوم في المعهد، من بينها أبحاث عن الوضع الاقتصادي في المدينة، وظروفها الاجتماعية والديموغرافية والتخطيطية. يذكر ان الكتاب السنوي الإحصائي للقدس هو مجرد أداة متعددة المعلومات التي قد تساعد في أداء مراجعات حول مواضيع مثيرة للاهتمام حول القدس ومعلومات مفيدة للمواطنين.

بمثابة شيئا يشبه الكتاب السنوي للحكومة الذي سيتم تخصيصه للقدس وحدها. وأيضًا تم ذكر أهمية الأحداث المفتوحة للجمهور كأداة لنشر المعرفة المهنية والموثوقة لما يحدث في القدس.

التحديات في إنشاء المعهد

في مقالها تقول السيدة السيدة أورا أحيمئير ان: “كان من الصعب أن نجد بين علماء الأكاديمية الذين حاولنا ان نوظفهم للعمل هؤلاء الذين يفضلون الدراسات السياسية على الدراسات التاريخية أو النظرية. بحيث ان حسب قولهم فان الفوائد الأكاديمية أفضل لمن يهتم بالدراسات النظرية والتاريخية. على مر السنين، عثرنا على الباحثون الذين كانوا على استعداد ان يواجهوا التحدي.

فمن خلال هذا التوتر ما بين متطلبات البحث الأكاديمي الأساسي والمتعمق واحتياجات صانعي السياسة، سادت في نهاية المطاف، مواضيع السياسة على المواضيع النظرية والأكاديمية.

قد أصبحت الدراسات السياسية المركزة، إلى جانب الدراسات الأكثر عمقا والأكثر شمولا، جارية على روتين المعهد”.

المؤتمر الأول لمعهد القدس

الإصدار الأول لمعهد القدس

تناول المؤتمر الأول لمعهد القدس موضوعًا لا يزال محوريًا على مر السنين: تخطيط مركز مدينة القدس.

على حد تعبير البروفيسور عاميران على المؤتمر فانه من الواضح ان التخطيط والمفاهيم الحضرية التي كانت صالحة في ذلك الوقت ستسمع أصواتها اليوم ” تبدو أجزاء من وسط مدينة وكأنها منطقة تجارية كما كان قبل مائة عام، ومن جهة أخرى – هذه عاصمة إسرائيل. على سبيل المثال، يعد شارع يافا مثالًا على مزيج من المباني الحديثة ك “مركز كلال” او “بيت يوئيل” (واللذان يعتبران اليوم إخفاقات معمارية] والمباني القديمة والغير مزخرفة.” 

وأيضاً يذكر مؤتمر مستقبلي حول قضايا النشاط للحفاظ على المباني في القدس، وهذا يعرض كـ “موضوع حساس” الذي يحتاج إلى حملات إعلامية دقيقة تهدف سكان الأحياء، حتى لا يثوروا ضد خطة إعادة التأهيل”.

 

معهد القدس للدراسات الإسرائيلية توسيع الدراسة خارج القدس

اثناء السنة الثالثة من إنشاء المعهد تعرضت سياسته الأصلية التي كانت تتركز على دراسة القدس الى الاختبار حيث أصبح صندوق “ريفسون” في نيو يورك العمود الفقري الاقتصادي الرئيسي له. لان الصندوق اشترط دعمه لإجراء الدراسات السياسية ليس فقط حول شؤون القدس لكن أيضًا حول الشؤون المتعلقة بدولة إسرائيل ككل.

سعى صندوق ريفسون إلى تشجيع إنشاء معهد للسياسات مماثل للمعهد الأمريكي “بروكينغز” الشهير وقد تفقد العديد من المعاهد في إسرائيل، وأخيرا اختار معهد القدس الشاب لأنه كان لديه القدرة على الحداثة والتجديد، ولأنه أعجب بالقدرة التي تبينت من خلال أبحاث المعهد وأنشطته الأولى.

وكان الدعم الذي قدمه صندوق “ريفسون” للمعهد بمثابة بداية عهد جديد بحيث منح المعهد أساسًا لإجراء نشاط مستقل لا علاقة له بالمؤسسات الرسمية وسمح له بالصعود وتشكيل نفسه بموجب شروطه واحواله الذاتية.

في خلال تلك السنوات نشر المعهد مجموعة واسعة ومتنوعة من المنشورات، مثل: “اتجاهات العمل – البعد العرقي” (يعقوب ناهون , 1984) ; “الامهات الأحادية – الانظمة الداعمة والرفاه الشخصي” (روت كاتص, 1986) ; ” القدس – الصراع من أجل شخصية وصورة المدينة، بالتعاون مع دار نشر زمورة بيتان (دافيد كرويانيكير , 1988)، “دائرة الأوقاف في القدس 1948-1990 (يصحاك رايتير , 1991);  حرية الصحافة في إسرائيل – القيم في مرآة القانون (موشيه هانيجبي, 1995) وعشرات من المنشورات.

كان صندوق “ريفسون” الممول الرئيسي للمعهد حتى عام 2011، ولكن تم تلقي تمويل إضافي من الإعانات والدعم المستقلة ومن صناديق مال إضافية

أنشطة المعهد والمنشورات الرئيسية خلال التسعينات والالفينات

بسبب تلقي المنح البحثية وإنشاء مجلات معينة للتعاون، كان يعمل معهد القدس منذ منتصف التسعينيات من خلال “مراكز البحوث”, التي كانت مجرد وحدات عمل نصف منفردة ومستقلة: في عام 1999 افتتح في المعهد “مركز تيدي كوليك لدراسات القدس” الذي ركز في الدراسات حول المدينة؛ وفي نفس الوقت، تم افتتاح قاعة مؤتمرات في المعهد، وفي سنة 2000, قد منح صندوق “ريفسون” بالتمويل لإنشاء مركز للسياسة البيئية. لقد حدد هذا المركز لنفسه هدف “تحسين جودة الإدارة العامة في مجال البيئة، واختبار فعالية أدوات التدخل من قبل الخدمة العامة وأيضًا رفع القضايا البيئية على الأجندة العامة”.

ولقد تم نشر عشرات الوثائق البناءة كجزء من عمل مركز السياسات البيئية مثل: إعادة تأهيل الأراضي الملوثة في إسرائيل- السياسة والقانون; الصراع على الطريق السريع عابر إسرائيل; الاستدامة 2030; تغيير قانون الإيداع على حاويات المشروبات -تحليل التكاليف والفوائد لصالح للاقتصاد;   تخطيط المناطق الترفيهية والمنتزهات الحضرية ومنشورات أخرى.

في أوائل الالفينات، بعد الانشغال المكثف في مكان القدس في عملية السلام، تحاول التركيز البحثي إلى القضايا المتعلقة بإدارة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والى إدارة الظروف المعقدة الواقعة في القدس في غياب التسوية، تحت عنوان “مركز إدارة الصراع”. ركزت الدراسة على أسباب الصراع وعلى الأهداف ومصالح الجانبين، وفي الطبيعة الفريدة ‘للصراع متدني الشدة’, والعقبات وأسباب الفشل في عملية السلام ودراسة البدائل التي من شأنها تسهيل الانتقال من إدارة الصراع إلى طرح الحل.

تشمل المنشورات البارزة في هذا المجال: الصراع الإسرائيلي – فلسطيني 2000-2004: الانتقال من إدارة الصراع إلى طرح الحل، مبادرة جامعة الدول العربية – هل هي فرصة تاريخية؟, عوائق السلام في الصراع الإسرائيلي- فلسطيني.

وخلال هذه السنوات، عمل في المعهد أيضًا مركز لدراسات الحداثة والتجديد والنمو الاقتصادي، مما أدى إلى مشاريع دولية برعاية الاتحاد الأوروبي مثل: تارجيت واسبري (Target, Spree) حول الاستراتيجيات لتقليص استخدام الموارد الأرضية، مثل تشجيع الانتقال إلى الاقتصاد الذي يعتمد على أساس شراء الخدمات بدلاً من الاقتصاد المستخدم حاليًا على نطاق واسع لشراء المنتجات.

كما عمل خلال هذه السنوات في المعهد مركز لدراسة المجتمع الحاريدي برئاسة البروفيسور الأستاذ الراحل عميرام جونين الذي نشر مجلة خاصة لدراسة المجتمع الحاريدي، كما أجرى اجتماعات المائدة المستديرة لباحثي المجتمع الحاريدي والناشطين الحاريديم وممثلي السلطات المحلية.

وفي عام 2014 قرر مركز ميلكين، الذي يقع مقره الرئيسي في الولايات المتحدة الانضمام إلى معهد القدس وافتتح “مركز ميلكين للحداثة والتجديد”.

 

معهد القدس لبحث السياسات

في عام 2016، غير معهد القدس للدراسات الإسرائيلية اسمه إلى “معهد القدس للدراسات السياسيات” Jerusalem Institute for Policy Research.

اليوم، يغطي عمل المعهد عشرات المشاريع في مجموعة متنوعة من المجالات.

يستند جزئياً إلى المقال: ” تم انشاء معهد للأبحاث ” للسيدة أورا أحيمئير، المديرة الأولى للمعهد ومؤسسته، تم نشره في كتاب عنوانه “كيف يؤثر الباحثون وصانعو السياسات”، ابراهام فريدمان وشلومو حاسون (المحررون)، القدس: معهد القدس 2003 (بالعبرية).

مقر المعهد

مقر معهد القدس لبحث السياسات – بيت حاي اليسار

منذ تأسيسه في عام 1978 أقام المعهد في شارع رادك رقم 20، حيث لا يزال يجلس عندما تأسس في عام 1978، بقي المعهد في 20 شارع رادك، حيث لا يزال يقع حتى اليوم، (باستثناء فترة قصيرة كان يقع خلالها في مبنى دير سان أنطونيو على الجانب الآخر من الشارع).

مزيد من المعلومات حول المبنى في أرشيف المعهد

بين حي رحافيا وحي الطالبية

 تقع قطعة الأرض التي بُني عليها المنزل في منطقة كانت تسمى خلال فترة الانتداب البريطاني “ارض ماكراي”. تم شراء المنطقة من رجل اعمال إنجليزي (أو أسكتلندي) يسمى Macraye ((ليس من الواضح كيف وصلت إليه المنطقة) على ايدي التاجر العربي الثري قسطنطين سلامة. هناك 83 قطعات من الأرض مساحتها نحو 1 الى 1.5 دونم. 

وفي عام   1927 تمت الموافقة على خطة الحي من قبل سلطات التخطيط وتم حينئذ بيع الأرض لجميع المتقدمين بغض النظر عن الدين أو الجنسية. فبدأت اعمال بناء المنازل على الفور في عام 1927 وحتى أحداث 1929 لم تضع حداً لطفرة البناء في المنطقة التي أصبحت منطقة يهودية عربية مختلطة غير منظمة في أي إطار للأحياء. 

استمر اليهود والعرب من مستوى اجتماعي اقتصادي مرتفع نسبياً في العيش جنبا إلى جنب حتى عام 1948.

 

البيت في شارع راداك رقم 20 وسكانه

مقر معهد القدس (في شارع راداك رقم 20) تأسس في أواخر العشرينات من القرن العشرين على ايدي المهندس المعماري سبيرو خوري لعبد الله النشاشيبي، ابن أحد العائلات المسلمة المتميزة في القدس.  في الثلاثينيات تم شراء المبنى من سليم، ابن عبد الله على ايدي رجل الاعمال وتاجر الأراضي حاي الياشار، أحد قادة السفارديم في القدس الذي كان أبه “هاريشون لصهيون”(الحاخام السفرادي الكبير) يعقوب شاؤول الياشار (كان لقبه “هايسا براخا”).

كان في المبنى الأصلي طابق واحد، وطابق سفلي، وواجهته كانت مزينة بأعمدة على الطراز الكلاسيكي. وكان صاحب البيت يعيش في الطابق الأول بينما في الطابق السفلي كانت شقة الخدامين.

قبل عام 1939 أضاف إلياشار، طابقًا ثانيًا للمنزل وفي وقت لاحق انشاء طابقاً ثالثاً. وانتقل إلى المبنى مع زوجته فريدا إكشتاين بينما استأجرت بقية الشقق لمستأجرين مختلفين على أساس العربون. (اليوم لا يزال يعيش هنا في الطابق السفلي مستأجر)

ولأنه كان الياشار حاي وحيداً لقد ورث البيت لأخيه يحيئيل رافائيل الياشار الذي كان مهندس معماري ومقاول العقارات وكولونيل في الجيش الأمريكي. وهو تبرع بالمنزل لأصدقاء الجامعة العبرية في الولايات المتحدة من اجل من أجل إنشاء معهد القدس للدراسات – واذي يسمي اليوم معهد القدس لبحث السياسات.